زحف إدلب إلى دمشق- كيف استعادت المعارضة سوريا في 11 يوماً؟
المؤلف: طلال صالح بنان10.19.2025

إن الانهيار المفاجئ لنظام بشار الأسد، تحت ضغط التقدم السريع للمعارضة السورية المسلحة من إدلب نحو دمشق، يشكل حدثًا تاريخيًا فريدًا من نوعه ولا مثيل له في سجلات الماضي. الأمر الأكثر إثارة للدهشة هو قدرة المعارضة السورية المسلحة على بسط سيطرتها الكاملة والفورية على العاصمة والبلاد بأكملها. بعد أحد عشر عامًا من العزلة الداخلية في إدلب، تمكنت المعارضة السورية من استعادة السيطرة على الدولة السورية في غضون أحد عشر يومًا فقط. ويا لها من مصادفة تاريخية عجيبة، فكل سنة قضوها في المنفى الداخلي في شمال غرب سوريا، يقابلها يوم واحد فقط في الملحمة البطولية للزحف نحو دمشق واستعادة الدولة السورية.
كيف أمكن لهذا أن يحدث لأحد أقوى الأنظمة السياسية في المنطقة، نظام كان من المستبعد أن يتوصل إلى اتفاق سياسي مع المعارضة بشروطها. لكن ما حدث هو أن نظام الأسد العتيد انهار بشكل غير متوقع وفي فترة زمنية قياسية. على سبيل المثال، استغرق سقوط نظام صدام حسين في العراق أسابيع، وذلك بتدخل خارجي عنيف قادته الولايات المتحدة. واستغرق الأمر سنوات عديدة حتى يتم بناء نظام سياسي جديد في بغداد، وحتى يومنا هذا لم يصل العراق إلى مرحلة الاستقرار واستعادة الأمور إلى نصابها الصحيح.
كيف حصل هذا التطور غير المسبوق في نظام كان يبدو منيعًا ضد أي تغيير، نظام بدا حكمه في سوريا راسخًا إلى الأبد. ومع ذلك، يجب ألا نستهين أو نطمئن لما يبدو من سيطرة للنظام الجديد في دمشق. كما يجب ألا نعتمد على هذا القبول الشعبي الواسع من قبل السوريين في الداخل والخارج للنظام الجديد. ولا يجب أيضًا أن نثق في هذا الترحيب الذي يلقاه النظام الجديد في دمشق على المستويين الإقليمي والدولي، حتى تظهر متغيرات قوية على أرض الواقع تبرر هذا القبول الداخلي والخارجي للنظام الجديد، وتزيل احتمالات الفشل، وربما استعادة النظام القديم لزمام الأمور في سوريا من قبل عناصر الثورة المضادة وحلفاء النظام القديم، سواء كانوا دوليين أو إقليميين.
قد يكون المتغير الاستراتيجي الأهم في انهيار نظام الأسد في سوريا هو اعتماده المطلق على القوة للبقاء في السلطة، وعدم الاهتمام بأي شيء آخر. كان نظام بشار الأسد يعتمد في بقائه على متغيرات خارجية، ولم يكن يتوقع أبدًا أن تخذله هذه المتغيرات وأن تتوقف عن دعمه والبقاء في سوريا بأي ثمن وإلى الأبد. لكن بشار الأسد فوجئ بانهيار جيشه وشرطته وأركان مخابراته بشكل غير متوقع، مما اضطره إلى مغادرة البلاد والفرار منها. خاصة عندما تأكد له أن حلفاءه الإقليميين والدوليين لم يعودوا يمتلكون الرغبة أو الإرادة للدفاع عنه وعن نظامه. بالإضافة إلى ذلك، توهم نظام بشار الأسد بأنه قد حقق نصرًا حاسمًا على المعارضة، وتمكن من فرض واقع حكمه على المستويين الإقليمي والدولي.
من جانبها، لم تفقد المعارضة السورية الأمل في إمكانية تحقيق النصر على نظام الأسد، ناهيك عن احتمالية انهياره بهذه السرعة والحسم. في الواقع، ربما تكون المعارضة السورية قد يئست من إمكانية تحقيق أي فائدة من الاستمرار في دور المعارضة السلمية، وقررت أنه لا بديل عن المواجهة العنيفة لتسوية الأمور مع بشار الأسد ونظامه، مرة واحدة وإلى الأبد.
لقد استغلت المعارضة السورية وجودها في إدلب، تحت الحماية والرعاية التركية، لبناء نموذج للدولة يعتمد على الإرادة الشعبية، وربما على التعاطف الإقليمي والدولي. بدأت بتجربة إقامة دولة مصغرة في إدلب تتوفر لها كل إمكانات الدولة الحديثة من موارد سياسية واقتصادية وتأييد محلي ونموذج للإدارة الرشيدة، بل وحتى الاعتماد الذاتي على توفير السلاح، وذلك استعدادًا ليوم الحسم. كانت هذه الدولة الصغيرة غير معلنة ولم يتم الاعتراف بها دوليًا، وبالتأكيد لم تلفت انتباه النظام في دمشق. وعندما حانت اللحظة المناسبة، اندلعت هذه الدولة المدينة كالبركان، رافعة شعار ردع العدوان والزحف نحو دمشق، ومن ثم استعادة سوريا الوطن والدولة.
إن إنجازًا عظيمًا حققته المعارضة السورية بقرارها حسم المعركة مع نظام الأسد بالقوة. والإنجاز الأكبر هو أنها استطاعت منذ اليوم الأول لدخولها دمشق أن تطبق نموذجها لدولة المدينة في عاصمة الدولة القومية. لقد أظهرت المعارضة المسلحة أنها لم تكن قليلة الخبرة في إدارة شؤون الدولة الداخلية والخارجية، بل كانت على مستوى التحدي حتى أنها نالت إعجاب من نظر إلى إنجازها الكبير. وأثبتت للمتشككين في خلفيتها الأيديولوجية السابقة أنها نجحت في إحداث تغييرات جوهرية في قيمها وسلوكها؛ لتتناسب مع مرحلة حكم دولة قومية حديثة لا يتردد العالم في قبولها والتعاون معها.
حتى الآن، أثبتت المعارضة السورية أنها قادرة على الانتصار في حركة الصراع العنيف على السلطة، وأنها بارعة في إدارة الصراع في شقه السياسي والدبلوماسي، بنفس البراعة والاقتدار.
كيف أمكن لهذا أن يحدث لأحد أقوى الأنظمة السياسية في المنطقة، نظام كان من المستبعد أن يتوصل إلى اتفاق سياسي مع المعارضة بشروطها. لكن ما حدث هو أن نظام الأسد العتيد انهار بشكل غير متوقع وفي فترة زمنية قياسية. على سبيل المثال، استغرق سقوط نظام صدام حسين في العراق أسابيع، وذلك بتدخل خارجي عنيف قادته الولايات المتحدة. واستغرق الأمر سنوات عديدة حتى يتم بناء نظام سياسي جديد في بغداد، وحتى يومنا هذا لم يصل العراق إلى مرحلة الاستقرار واستعادة الأمور إلى نصابها الصحيح.
كيف حصل هذا التطور غير المسبوق في نظام كان يبدو منيعًا ضد أي تغيير، نظام بدا حكمه في سوريا راسخًا إلى الأبد. ومع ذلك، يجب ألا نستهين أو نطمئن لما يبدو من سيطرة للنظام الجديد في دمشق. كما يجب ألا نعتمد على هذا القبول الشعبي الواسع من قبل السوريين في الداخل والخارج للنظام الجديد. ولا يجب أيضًا أن نثق في هذا الترحيب الذي يلقاه النظام الجديد في دمشق على المستويين الإقليمي والدولي، حتى تظهر متغيرات قوية على أرض الواقع تبرر هذا القبول الداخلي والخارجي للنظام الجديد، وتزيل احتمالات الفشل، وربما استعادة النظام القديم لزمام الأمور في سوريا من قبل عناصر الثورة المضادة وحلفاء النظام القديم، سواء كانوا دوليين أو إقليميين.
قد يكون المتغير الاستراتيجي الأهم في انهيار نظام الأسد في سوريا هو اعتماده المطلق على القوة للبقاء في السلطة، وعدم الاهتمام بأي شيء آخر. كان نظام بشار الأسد يعتمد في بقائه على متغيرات خارجية، ولم يكن يتوقع أبدًا أن تخذله هذه المتغيرات وأن تتوقف عن دعمه والبقاء في سوريا بأي ثمن وإلى الأبد. لكن بشار الأسد فوجئ بانهيار جيشه وشرطته وأركان مخابراته بشكل غير متوقع، مما اضطره إلى مغادرة البلاد والفرار منها. خاصة عندما تأكد له أن حلفاءه الإقليميين والدوليين لم يعودوا يمتلكون الرغبة أو الإرادة للدفاع عنه وعن نظامه. بالإضافة إلى ذلك، توهم نظام بشار الأسد بأنه قد حقق نصرًا حاسمًا على المعارضة، وتمكن من فرض واقع حكمه على المستويين الإقليمي والدولي.
من جانبها، لم تفقد المعارضة السورية الأمل في إمكانية تحقيق النصر على نظام الأسد، ناهيك عن احتمالية انهياره بهذه السرعة والحسم. في الواقع، ربما تكون المعارضة السورية قد يئست من إمكانية تحقيق أي فائدة من الاستمرار في دور المعارضة السلمية، وقررت أنه لا بديل عن المواجهة العنيفة لتسوية الأمور مع بشار الأسد ونظامه، مرة واحدة وإلى الأبد.
لقد استغلت المعارضة السورية وجودها في إدلب، تحت الحماية والرعاية التركية، لبناء نموذج للدولة يعتمد على الإرادة الشعبية، وربما على التعاطف الإقليمي والدولي. بدأت بتجربة إقامة دولة مصغرة في إدلب تتوفر لها كل إمكانات الدولة الحديثة من موارد سياسية واقتصادية وتأييد محلي ونموذج للإدارة الرشيدة، بل وحتى الاعتماد الذاتي على توفير السلاح، وذلك استعدادًا ليوم الحسم. كانت هذه الدولة الصغيرة غير معلنة ولم يتم الاعتراف بها دوليًا، وبالتأكيد لم تلفت انتباه النظام في دمشق. وعندما حانت اللحظة المناسبة، اندلعت هذه الدولة المدينة كالبركان، رافعة شعار ردع العدوان والزحف نحو دمشق، ومن ثم استعادة سوريا الوطن والدولة.
إن إنجازًا عظيمًا حققته المعارضة السورية بقرارها حسم المعركة مع نظام الأسد بالقوة. والإنجاز الأكبر هو أنها استطاعت منذ اليوم الأول لدخولها دمشق أن تطبق نموذجها لدولة المدينة في عاصمة الدولة القومية. لقد أظهرت المعارضة المسلحة أنها لم تكن قليلة الخبرة في إدارة شؤون الدولة الداخلية والخارجية، بل كانت على مستوى التحدي حتى أنها نالت إعجاب من نظر إلى إنجازها الكبير. وأثبتت للمتشككين في خلفيتها الأيديولوجية السابقة أنها نجحت في إحداث تغييرات جوهرية في قيمها وسلوكها؛ لتتناسب مع مرحلة حكم دولة قومية حديثة لا يتردد العالم في قبولها والتعاون معها.
حتى الآن، أثبتت المعارضة السورية أنها قادرة على الانتصار في حركة الصراع العنيف على السلطة، وأنها بارعة في إدارة الصراع في شقه السياسي والدبلوماسي، بنفس البراعة والاقتدار.
